النوة
# النوة: ظاهرة طبيعية مؤثرة في السواحل المصرية
**النوة** هي ظاهرة جوية موسمية تحدث على مدار العام، وتتميز برياح قوية،
وأمطار غزيرة، وانخفاض واضح في درجات الحرارة. تؤثر النوات بشكل خاص على
المناطق الساحلية، مثل الإسكندرية ومدن الساحل الشمالي بمصر، وتعد جزءًا من
التراث المناخي والثقافي للمجتمعات الساحلية.
# أنواع النوات وأوقاتها :
تحدث النوات عادة في فصل الشتاء، وتستمر من يوم إلى عدة أيام. وقد سُميت هذه
النوات بناءً على توقيتها وأثرها، ومن أشهرها:
1. **نوة المكنسة (نوفمبر):**
تتميز برياح قوية تشبه عمل "المكنسة"، حيث تعمل على تنظيف الجو من الأتربة.
غالبًا ما تكون مصحوبة بأمطار غزيرة.
2. **نوة الفيضة الكبرى (يناير):**
تُعرف بارتفاع مستوى المياه نتيجة الأمطار الغزيرة، مما يؤدي أحيانًا إلى فيضان
بعض المناطق الساحلية.
3. **نوة عيد الميلاد (يناير):**
ترتبط بموسم عيد الميلاد القبطي، وتتميز بالبرودة الشديدة وهطول الأمطار.
4. **نوة الشمس الصغيرة (فبراير):**
تتميز برياح شديدة وانخفاض حاد في درجات الحرارة، لكنها قصيرة المدة مقارنة
بغيرها.
# تأثير النوات على الحياة اليومية:
**الملاحة والصيد:**
تتوقف حركة الملاحة والصيد البحري أثناء النوات بسبب اضطراب البحر وارتفاع
الأمواج.
- **البنية التحتية:**
تتسبب النوات في أضرار بالطرق والشوارع نتيجة تجمع المياه، مما يتطلب جهودًا كبيرة من البلديات للتعامل معها.
- **السياحة:**
تنخفض معدلات النشاط السياحي في المدن الساحلية خلال النوات، حيث يفضل السياح
تجنب السفر في مثل هذه الظروف.
# استعدادات لمواجهة النوات:
تعتمد المجتمعات الساحلية على خطط وقائية للتقليل من آثار النوات، وتشمل:
*- تنظيف وصيانة شبكات الصرف الصحي قبل الموسم.
*- تجهيز الموانئ لمواجهة الأمواج العالية.
*- تحذير السكان مسبقًا عن مواعيد النوات عبر النشرات الجوية.
# النوة والتراث الشعبي:
تحمل النوات في مصر طابعًا شعبيًا، حيث ارتبطت بتوقعات تقويمية يعتمد عليها
الصيادون والمزارعون. ويعتبر أهل الإسكندرية تحديدًا النوات جزءًا من حياتهم، إذ
يُروى عنها قصص وحكايات تُظهر صمودهم في وجه هذه الظاهرة الطبيعية
النوة ليست مجرد ظاهرة جوية، بل هي جزء من طبيعة الحياة في المدن الساحلية. ورغم
التحديات التي تصحبها، فإنها تذكير دائم بقوة الطبيعة وحاجتنا إلى التكيف معها بحكمة
واستعداد.
# النوة: تفاصيل إضافية عن الظاهرة وتأثيراتها:
النوة ظاهرة طبيعية تحمل أبعادًا متعددة، سواء كانت مناخية، بيئية، أو اجتماعية. ولأنها
جزء لا يتجزأ من حياة سكان السواحل، فإنها أثرت بشكل عميق على أسلوب حياتهم
وطريقة تعاملهم مع الطبيعة. في السطور التالية نعرض تفاصيل إضافية عن النوة
وتأثيراتها.
# الأسماء الشعبية للنوات :
تتميز النوات بأسماء مستوحاة من توقيتها، شدتها، أو تأثيرها على البيئة والسكان.
وفيما يلي أبرز الأسماء ودلالاتها:
1. **نوة المكنسة (نوفمبر):**
الاسم يعكس شدة الرياح التي "تكنس" كل شيء في طريقها. غالبًا ما تبدأ هذه النوة
في منتصف نوفمبر.
2. **نوة القاسم (ديسمبر):**
تحدث في أوائل ديسمبر، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد التقاليد الشعبية القديمة.
3. **نوة الفيضة الصغرى (يناير):**
تأتي بعد الفيضة الكبرى بفترة قصيرة، وتكون أقل تأثيرًا، لكنها قد تسبب ارتفاعًا
طفيفًا في مستوى المياه.
4. **نوة الحسوم (مارس):**
تأتي مع نهاية فصل الشتاء، وتعتبر وداعًا للموسم البارد
# النوة وتأثيرها البيئي:
تلعب النوات دورًا هامًا في تشكيل البيئة الساحلية. فعلى الرغم من الآثار السلبية التي قد
تسببها، إلا أن لها فوائد بيئية، منها:
- **تنظيف البحر:**
تساعد الرياح القوية على تحريك الأمواج وتنقية المياه من الشوائب العائمة.
- **تجديد التربة:**
تسهم الأمطار الغزيرة في ترطيب التربة وتجديد خصوبتها، ما يفيد الزراعة في
المناطق القريبة من الساحل.
- **توازن النظام البيئي البحري:**
تؤدي حركة المياه الشديدة إلى نقل العناصر الغذائية داخل البحر، مما يعزز من إنتاجية
البيئة البحرية .
النوة ليست مجرد ظاهرة طبيعية، بل هي جزء من التراث الشعبي للسواحل المصرية.
ارتبطت بتقاليد وأمثال وحكايات تروى بين الأجيال، مثل:
- القول الشائع بين الصيادين: "النوة عدوة البحر، وصديق اليابسة"، للإشارة إلى
خطورتها على الصيد وفائدتها للزراعة.
- التحذيرات التي يتناقلها الكبار في العمر مثل: "لا تنزل البحر في أيام النوة".
كما يُلاحظ أن أسماء النوات دائمًا ما تترافق مع تقاويم فلكية وزراعية، حيث يعتمد
الصيادون والمزارعون على هذه التقاويم لتحديد أوقات العمل والتوقف
# التغير المناخي وأثره على النوات :
في السنوات الأخيرة، أصبح تأثير التغير المناخي واضحًا على ظاهرة النوات، حيث
لوحظت تغيرات مثل:
- **زيادة شدة النوات:**
أصبحت بعض النوات أكثر قوة من المعتاد، مما أدى إلى أضرار أكبر على السواحل
والبنية التحتية.
- **عدم انتظام توقيت النوات:**
بسبب التغيرات المناخية، لم تعد النوات تحدث في توقيتها المعتاد، مما يربك السكان
وخططهم للتعامل معها.
- **ارتفاع منسوب البحر:**
يزيد ذلك من خطورة النوات، حيث تصبح الأمواج أكثر قدرة على إحداث أضرار
للسواحل .
# التحديات:
- **ضعف البنية التحتية:**
تعاني بعض المناطق الساحلية من ضعف شبكات الصرف الصحي أو التصريف، مما
يؤدي إلى تجمع المياه بشكل كبير.
- **انخفاض الوعي المجتمعي:**
قد يتسبب نقص الوعي بأوقات النوات وتأثيراتها في خسائر بشرية ومادية.
- **تهديد الاقتصاد المحلي:**
تأثر حركة الملاحة والصيد، فضلًا عن انخفاض أعداد السياح، يؤدي إلى خسائر
اقتصادية كبيرة.
# الحلول المقترحة:
1. **الاستثمار في البنية التحتية:**
تحسين شبكات الصرف والموانئ لتكون قادرة على مواجهة الأمطار الغزيرة وارتفاع
الأمواج.
2. **التثقيف المجتمعي:**
توعية السكان بضرورة الالتزام بتعليمات السلامة أثناء النوات، خاصة في المناطق
القريبة من البحر.
3. **أنظمة الإنذار المبكر:**
تطوير أنظمة حديثة لرصد النوات وإبلاغ السكان بها قبل حدوثها بفترة كافية.
4. **الحفاظ على البيئة:**
تقليل الممارسات الضارة التي تساهم في التغير المناخي، مثل التلوث وزيادة انبعاثات
الكربون.
# النوة كفرصة للتأمل في قوة الطبيعة:
على الرغم من قسوة النوات أحيانًا، إلا أنها تذكرنا دائمًا بقدرة الطبيعة على فرض
سيطرتها. هي دعوة للتكيف والاستعداد، وللتفكر في أهمية حماية البيئة وتطوير
استراتيجيات مستدامة للتعامل مع الظواهر الجوية.
**النوة ليست مجرد تحدٍ بيئي، بل هي فرصة لتقدير الطبيعة، والعمل بجد للحفاظ على
توازنها.
بقلم/الكاتبة سيدة حسن
إرسال تعليق